الشيخ عبد القادر الشقراني... قصة كفاح ونجاح
بقلم/ عبد الرقيب عبده خالد
في سبعينيات القرن الماضي كانت هجرة الشيخ عبد القادر إلى بلاد الاغتراب, وكانت وجهته الى بلاد الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية, وما إن ستقر به المقام في بلاد الغربة, حتى بدأ الشاب الأعزب بالبحث عن فرصة عمل تناسب طموحاته وتلبي رغباته, وبهمة عالية وكفاح عجيب بدأ الشاب بتكوين نفسه من الصفر, فكان يعمل وهمه أن يحصل على أموالٍ تمكنه من إرسال مصروفات لأهله في بلده, ويشاء الله أن يوفقه للعمل مع رجل قدر مواهبه وعرفه ذكاءه, فكان أن عمل مع (مؤسسة الزامل) ولفترة طويلة, وقد كرَّمته هذه المؤسسة أخيراً بأحد دروعها تقديراً لجهوده وعمله على إنجاح مشاريع هذه المؤسسة وتنفيذ خططها.
وخلال هذه الفترة تمكن الرجل العصامي من تكوين نفسه بجهوده الذاتية وعمله المتواصل الدؤوب, وخلال هذه الفترة تمكن من جمع بعض الأموال من جبين عرقه وحقق أول أحلامه بأن تزوج في بلاد الاغتراب, وكان من نتائج هذ الزواج المبارك أن رزقه الله بنين وبنات وكوَّن أسرةً كانت خير معين له في طريقه الى الله تعالى في فعل الخير, فشجعته هذه الأسرة المباركة على المضي في هذا الطريق.
والحقيقة أن له بصمات سابقة في فعل الخير في منطقنا في أوقات سابقة, فجامع التوحيد في (قرية الشعبين) خير شاهد على ذلك, حيث تم بناؤه على حساب الشيخ عبد القادر وأسرته الكريمة, وكان تنفيذ هذا العمل, قبل قرابة العشرين عاما, وايضاً كان للشيخ الفاضل عبد القادر وأسرته الكريمة مساهمة جيدة في توسعة جامع الصديق في قريتي (قرية الذرع) قبل حوالي سبع سنوات, وغيرها من طرق فعل الخير في منطقته والمناطق المجاورة لها, وتمثل ذلك في تقديم مساعدات بعض الأسر المحتاجة حسب ما تقتضيه الحاجة ويستدعيه الظرف, بل إنه قد بلغني من بعض الثقات أن لهم مساهمات في فعل الخير في دول أخرى غير اليمن..!!
ويشاء الله أن يسطع نجم الشيخ عبد القادر وأسرته الكريمة في الآونة لأخيرة بشكل أكبر؛ وتمثل ذلك في مساهمتهم الفاعلة في دعم رص الطرقات في منطقتهم والمناطق المجاورة لها.
وتبدأ القصة من دعمهم لرص طريق الحفير وقد رُصَّ منها منها أكثر من (300 ) ثلاث مئة متر طولي, وفاقت مساهمة الأسرة فيها أكثر من 90% من إجمالي المبالغ المرصود لعملية الرص فيها والبقية مساهمات مجتمعية, وما إن انتهى من رص طرق الحفير حتى توجه إلى رص الطريق المجاورة المنزل والده عبد الباري الشقراني رحمة الله عليه, فرص طلعة طولها أكثر من (200 ) مائتي متر وسماها طلعة المرحوم والد عبد القادر الشقراني, وكان رص هذه الطلعة على حسابه الخاص, وقد أهدى ثواب هذ العمل لوالديه المرحومين وجعلها صدقةً جاريةً في حسابهما الى يوم القيامة بإذن الله تعالى.
ولم يتوقف عند هذا الحد بل حلَّقَ عالياً وحطَّ رحاله هذه المرة في طريق الثلث فكانت له بصمة مميزة, حيث تبنى رص ملفاً من أصعب الملفات في طريقها, وأهدى ثواب هذا العمل لولده المرحوم بإذن الله تعالى (فهد عبد القادر الشقرني), وتفاعُلاً من أهالي المنطقة مع هذا الحدث سمو هذا الملف باسم ملف المرحوم (فهد الشقراني) ونصبوا لذالك لوحةً وكتبوا عليها اسمه ووضعوها في جوار ذلك الملف.
ولم يكتفِ بهذه المساهمات, بل التفت ثانية إلى طريق الثلث وكانت له مساهمة فاعلة مع الأهالي في رص طلعة من أوعر الطلعات في طريق الثلث, ويبلغ طولها أكثر من(300 ) ثلاث مئة متر, حيث تم توصلها الى ملف المرحوم (فهد الشقراني), وقد أصطلح الأهالي بعد ذلك على تسميتها بطريق الشيخ عبد القادر الشقراني.
وأثناء دعم الشيخ عبد القادر للعمل في الطرق التي تبناها كان يسمع عن مناطق أخرى تتم فيها عملية رص, فكان لا يتردد في دعم تلك الطرقات وتشجيع أهلها ؛ فقد دعم طرق الغول, وكانت له مساهمة في رص ملف القحيما, وضرب له بسهم في دعم طريق شعب خلف وفي غيرها من الطرقات في مناطق متعددة.
أما مساهماته في الجانب الإنساني فهى لا تقل عن مساهماته في جانب رص الطرقات, فلا يكاد يسمع بحالة مرضية تستدعي الدعم والمساندة الاَّ ويُسارع لمد يد العون لها والوقوف الى جانبها ومواساتها في مصابها, والأمثلة في هذا الجانب أكثر من أن تحصى أو تُعد.
وكان لجانب العلم والتعليم حظاً من دعمة وتشجيعه؛ ففي منطقته ومسقط رأسه عمل عل استكمال بناء مدرسة المرحوم بإذن الله تعالى الأستاذ (عبد الواحد الشقراني) الذي تبنى فكرة بناءها في المنطقة وسانده في هذه الفكرة بعض الخيرين في المنطقة, وبسبب قلة الإ مكانيات وشحت الدعم توقف العمل فيها ولم يُستكمل بناؤها, وما إن وصل خبر هذه المدرسة للشيخ عبد القادر حتى سارع لدعمها, حيث دعم إكمال بنا ء المدرسة, ثم عمل على دعم صبيتها وتشطيبها بكل ما تحتاجه حيث خرجت با بهى حلة وأحسن تصميم. وكان الدعم الأكبر والحظ الأوفر من نصيب المدرسة الأم لبقية المدارس مدرسة النور الثلث, ففي ظل الأحداث الأليمة التي تشهدنا يمننا الحبيب, هذه الأحداث ألقت بظلاله على العملية التعليمية حتى كادت تتوقف العملية التعليمية فيها, فكان الشيخ عبد القادر حاضراً, فدعم العملية التعليمية في مدرسة النور والأنوار, وحثَّ المعلمين على الاستمرار في أداء رسالتهم التعليمية فيها وقد فاقت تبرعاته الثلاثين مليونا خلا ل العامين الماضيين
إن المتأمل في سيرة هذا الرجل يجد أنها سيرة مليئة بالنجاح والكفاح, ويتعرَّف من خلال دعمه لأفعال الخير ومد يد العون لها أنه رجل حبَّبَ الله اليه فعل الخير والمساهمة فيه, وهذا من توفيق الله لهذا الرجل ولأسرته الكريمة.
وفي الأخير نشد على يد الشيخ عبد القادر ونقول له: سر في طريقك هذا ولا تلتفت للمخذلين والمرجفين, واعلم أن الاستثمار في هذا الطريق أرباحه مضمونة من رب العزة والجلال؛ فقد وعدهم بمضاعفة الأجور الى عشرة أضعاف والى سبعمائة ضعف متى ما أخلصوا لله في أعمالهم وابتغوا بذلك رحمته ورضوانه.
ونهمس في آذان كل من وصلهم خير هذا الرجل ومساعدته أن لا ينسوه وأسرته من صالح دعواتهم فقد أسدى اليهم معرفاً وحقه مجازاته على فعله, فمن عجز عن ذلك فلا أقل من أن ندعوا له وفي الحديث النبوي الشريف :(من صنع اليكم معروفاً فكافئو فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له )
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى, والحمد لله رب العالمين.